14 مايو 2025
العلاقات الثنائية القطرية الأمريكية

تشهد الشراكة بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية أقوى مراحلها اليوم
إذ تجمع البلدين علاقة استراتيجية راسخة وطويلة الأمد تتعمق باستمرار في مختلف المجالات. وترتكز هذه العلاقة على الثقة والاحترام المتبادلين.
على مدى العقود الماضية، رسّخت قطر مكانتها كشريك أمني محوري للولايات المتحدة، من خلال استضافة أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى دورها الفاعل كوسيط موثوق في عدد من الأزمات الدولية.
وتشمل هذه الشراكة مجالات متعددة، منها الاقتصاد والطاقة والثقافة وغيرها، وتواصل تطورها بشكل يعكس متانة العلاقة ورغبة الجانبين في تعزيزها مستقبلاً.
الدبلوماسية القطرية - الأمريكية
عملت دولة قطر بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في العديد من القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، مثل الأزمة في قطاع غزة والتطورات في أفغانستان. وقد أُبرمت عدة اتفاقيات تتعلق بوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين خلال الحرب الجارية في غزة بفضل التعاون المشترك والمكثف بين البلدين.
وفي تجسيد للعلاقات الوثيقة في مجالي الأمن والثقافة بين قطر والولايات المتحدة، أصبحت قطر في سبتمبر 2024 أول دولة في المنطقة تنضم إلى برنامج الولايات المتحدة للإعفاء من التأشيرة (Visa Waiver Program).
الدفاع والأمن
ترتبط دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بتحالف طويل الأمد وشراكة استراتيجية راسخة، تقوم على التعاون في حفظ الأمن والسلام على المستويين الإقليمي والدولي. وتُعد قاعدة العديد الجوية في قطر مقراً لآلاف من القوات الأمريكية، وتُسهم بدور أساسي في تعزيز استقرار الولايات المتحدة والمنطقة.
لعبت القاعدة دوراً محورياً في عمليات مكافحة الإرهاب، لا سيما ضمن الحملة الدولية لهزيمة تنظيم داعش، في ظل تنسيق وثيق بين البلدين للقضاء على التهديدات الإرهابية في المنطقة.
وتسعى قطر إلى ترسيخ دعائم السلام في الشرق الأوسط، وتبقى قاعدة العديد ركيزة محورية في إطار التعاون الدفاعي والمصالح الأمنية المشتركة بين الجانبين.
الاقتصاد
تتسم العلاقة الاقتصادية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية بتدفقات تجارية قوية، واستثمارات متبادلة، وتعاون نشط في القطاع الخاص.
ومن بين أبرز الشركات الأمريكية التي تجمعها شراكات قوية مع قطر: إكسون موبيل، شيفرون فيليبس، بوينغ، كونوكو فيليبس، ومجموعة (RTX) المعروفة سابقاً باسم رايثيون.
تُسهم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين في خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي والازدهار للشعبين.
الطاقة
تُشكّل الطاقة إحدى الركائز الأكثر استراتيجية وطويلة الأمد في العلاقات الثنائية بين قطر والولايات المتحدة. فقد طوّرت شركات الطاقة القطرية، على مر السنوات، علاقات شراكة قوية مع أبرز الشركات الأمريكية الرائدة في هذا القطاع.
ففي عام 2022، أعلنت قطر للطاقة عن اختيار شركتي إكسون موبيل وكونوكو فيليبس كشريكين أساسيين في مشروع توسعة حقل الشمال، الذي يُتوقع أن يرفع بشكل كبير من القدرة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر.
وفي الولايات المتحدة، استثمرت شركة قطر للطاقة وشركة إكسون موبيل بشكل مشترك في مشروع لتحويل جولدن باس للغاز الطبيعي المسال إلى مركز تصدير للغاز الطبيعي المسال في تكساس ونيو مكسيكو وأماكن أخرى. وتلعب هذه الشراكات دوراً حاسماً في تعزيز أمن الطاقة والمرونة الاقتصادية على التوالي في كلا البلدين.
الثقافة والتعليم
شهدت العلاقات بين قطر والولايات المتحدة تطوراً لافتاً في المجالات الثقافية والتعليمية، من خلال مبادرات مشتركة ساهمت في تعزيز التفاهم والتقارب بين الشعبين. وتحتضن المدينة التعليمية في الدوحة عدداً من أبرز الجامعات الأمريكية، مما يتيح فرص تعليم جامعي رفيع المستوى للطلاب من قطر ومختلف أنحاء المنطقة.
كما يشكّل المواطنون الأمريكيون المقيمون في قطر جزءاً فاعلاً من نسيج المجتمع، حيث يساهمون في إثراء الحياة الاجتماعية والثقافية. وقد شكّل عام 2021، الذي خُصّص ليكون "عام الثقافة بين قطر والولايات المتحدة"، محطة بارزة لاستعراض القيم المشتركة والتقاليد الغنية للبلدين.

وعليه، فإن العلاقة القطرية-الأمريكية تمثل نموذجاً متميزاً لما يمكن تحقيقه من خلال الحوار المستمر، والاحترام المتبادل، والتعاون الاستراتيجي. وتُعدّ هذه الشراكة مثالاً عالمياً يحتذى به في التعاون الدولي القائم على رؤى وأهداف مشتركة.