مؤتمر صحفي مشترك لسمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفرنسي

مؤتمر صحفي مشترك لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة، عقب الاجتماع الذي جمعهما بقصر الإليزيه.

مداخلة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر

مرحباً، لقد طلب مني السفير أن أتحدث باللغة الفرنسية. إذا لم تفهموني فإن الخطأ سيكون خطأ السفارة وليس خطأي. في البداية من دواعي سروري، فخامة الرئيس، ان أراكم اليوم هنا في باريس. إن صداقتكم مهمة جداً بالنسبة لي. والصداقة بين دولة قطر وفرنسا مهمة للغاية. كما تفضلتم، لقد تحدثنا عن العديد من الموضوعات التي تهم المنطقة: سوريا، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وأريد أن أشكر الرئيس على المواقف التي أخذها قبل عام، عندما اندلعت أزمة الخليج. لقد وقف إلى جانب دولة قطر. ولطالما أكّد الرئيس أن الحل الوحيد هو الحوار بين كل البلدان.

اسمحوا لي، فخامة الرئيس، لقد تحدثنا عن الكثير من الأمور. ولدينا مشكلة مع الوقت، حيث لم يبقَ سوى ثلاثون دقيقة قبل المباراة، وهناك أسئلة. لذلك أرغب ببساطة في أن أقول أن العلاقات قوية جداً بين البلدين. ونحن فخورون جداً بهذه العلاقات. وشكراً جزيلاً مرة أخرى، فخامة الرئيس.

مداخلة الرئيس ماكرون

نستقبل مرة أخرى صاحب السمو أمير دولة قطر، أثناء وجوده في باريس، في إطار زيارة رسمية مهمة. لقد قمتم، يا صاحب السمو، بوم امس بزيارة قاعدة “مون دو مارسان” التي يتدرب فيها طيارو سرب رافال القطري، هذه الزيارة تجسد قوة العلاقات بين بلدينا.

دولة قطر تمثل بالنسبة لفرنسا بلداً صديقاً وشريكاً جديراً بالثقة، نقوم معها بالعمل بشكل حازم ضد الإرهاب ومن أجل السلام والاستقرار، ولاسيما في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

دولة قطر هي أيضاً لاعب طموح يرغب في المساهمة في تشكيل عالم الغد. عالم اكثر تواصلاً، وأكثر انفتاحاً، وأكثر أمناً، وفي هذا الصدد يمكنني أن أجزم بأن بلدينا قريبان من بعضهما البعض.

أثناء لقائنا وأثناء غداء العمل الذي جمعنا لتوه، تحدثنا في البداية عن مكافحة الإرهاب وتمويله ومكافحة التطرف. إننا نواصل هنا تبادل الآراء الذي شرعنا به في العام الماضي، عندما قمتُ بزيارة الدوحة في ديسمبر. بهذه المناسبة كانت فرنسا ودولة قطر قد وقعتا إعلان نوايا حول مكافحة الإرهاب وتمويله ومكافحة التطرف، وهو إعلان يشكل خارطة طريق لنشاطاتنا المشتركة. ولقد شرعنا في العمل وفقاً لخارطة الطريق هذه.

إنني أولي اهتماماً بالغاً، وتعلمون ذلك، للالتزام بخارطة الطريق هذه. وفي هذا الإطار كانت دولة قطر حاضرة أيضاً في مؤتمر مكافحة تمويل الإرهاب، الذي تم تنظيمه في باريس في 26 أبريل الماضي، من أجل تعزيز مراقبة الشبكات المالية، المصرفية وغير المصرفية، والتبرعات الفردية أو تلك التي تتم تحت غطاء نشاط خيري.

هكذا تطلع فرنسا على جهود دولة قطر في هذا المجال، وهي جهود ملموسة، كما تعهدتم في ديسمبر الماضي، فقد تمكنا و تمكنت أجهزتنا اجهزتنا من العمل معاً، وتم تسليط الضوء على عناصر أولى ملموسة. آمل نواصل على هذا الدرب. إنه درب يقتضي تعبئة كل أجهزتنا وكل كفاءاتنا، من أجل تجفيف مصادر التمويل المتنوعة، التي بإمكان الجماعات الإرهابية الاستفادة منها.

من أجل الحصول على نتائج مصيرية في هذه المسائل، إننا نستفيد من إطار متين، إذ أن الحوار الاستراتيجي بين دولة قطر وفرنسا سيتم القيام به تحت إشراف وزيريْ خارجيتنا، بهدف تسهيل التبادل واتخاذ القرارات في المواضيع الأكثر حساسية، ومنع أي تساهل وأي مظهر خادع، والقيام بتبادل كل المعلومات الحساسة بشكل مستمرة وفي والوقت الحقيقي.

إن إرادتنا تتمثل في السعي معاً من أجل السلام والأمن. على مستوى المنطقة، فإن الأمن يقتضي الوحدة. لذلك أعدت التأكيد على دعم فرنسا لوساطة أمير دولة الكويت في إطار الأزمة بين دولة قطر وشقيقاتها من دول الخليج. يعاني القطريون يومياً من الإجراءات التي تم اتخاذها، وهناك أسر تم الفصل بين أفرادها بسبب الأزمة الحالية . لقد تمكنا من الحديث عن هذه الأزمة، التي ينبغي أن حلها عبر الحوار.

ان الأمن الإقليمي مرتبط بهذا الأمر، في سياق يتميز بتعدد التوترات، بل إن الأمر يؤثر أيضاً على أمن العديد من المناطق الأخرى التي يتم تصدير هذه التوترات إليها أحياناً.

إن فرنسا ستواصل، على غرار ما قمنا به العام الماضي، وعلى غرار ما لم أتوقف عن القيام به في الاشهر الأخيرة، بالحديث مع كل الأطراف، والدعوة إلى الحوار وإلى الاعتدال وإلى المصالحة.

لقد تمكنا أيضاً أثناء غدائنا من الحديث عن العديد من الموضوعات الإقليمية: إيران، اليمن، سوريا، العراق، مسار السلام في فلسطين وأيضاً ليبيا. بالنسبة لهذا الملف الأخير الذي يمثل، كما تعلمون، أولوية بالنسبة لنا، أرغب في أن يقوم بلدانا بالعمل معاً من أجل الإعداد لاستحقاقات ستكون في غاية الأهمية في المستقبل وهي تبني قاعدة دستورية قوية، وتنظيم انتخابات في ليبيا قبل نهاية العام، وتوحيد المؤسسات العسكرية والمدنية. هنا أيضاً، قررنا تعزيز تعاوننا.

في ما يتجاوز الجوانب الأمنية، فإن العلاقات بين فرنسا ودولة قطر تعتمد على إرادتنا المشتركة في تعميق علاقتنا الثنائية، سواء على الصعيد الاقتصادي، الثقافي أو الرياضي.

في هذا الصدد، أعرب لي صاحب السمو أمير دولة قطر، عن رغبة بلاده، في القيام باستثمارات جديدة في فرنسا في قطاعات تنشئ قيماً مضافة، وهذه الأهداف تنسجم مع رغبتنا في تثمين الابتكار والمعارف الفرنسية في كل المجالات. لدينا أيضاً مشاريع في القطاع الزراعي- الغذائي، نحن متمسكون بها كثيراً.

في مجال الرياضة والتعليم العالي، إننا نرغب في تطوير البرنامج المشتركة الحالية وإنشاء برامج جديدة. لدى فرنسا ودولة قطر بشكل خاص طموح في تطوير تعاون مثالي في القطاع الرياضي، مع آفاق تنظيم أحداث كبرى مثل مونديال 2022 في قطر والألعاب الأولمبية في عام 2024 في باريس. أود التأكيد على هذا الموضوع، لأن الرياضة تساهم في تطوير الأراضي، وفي الإبتكار التكنولوجي، وفي تربية شبابنا وفي إدماج جميع مواطنينا. لقد قمتم، بأشكال عديدة، بالاستثمار بكثرة في الرياضة، سواء رياضة الهواة أو رياضة المحترفين، وأنا أشكركم على ذلك، حتى وإن كنا لا نتقاسم الحماسة ذاتها بشأن مباريات الدوري الفرنسي، لكنني أغلق هذه القوس الودي (في إشارة إلى تشجيع ماكرون لنادي مرسيليا وليس لنادي باري سان جيرمان)، أعلم أن سموكم سيشجع بعد بضعة دقائق المنتخب الفرنسي في المونديال، لكن التزامكم في الرياضة الفرنسية هو بالنسبة لنا أمر نفيس للغاية، ويشكل فرصة بالنسبة لفرنسا. وعلينا ان نعرف كيف نعبر عن ذلك. إننا بصدد العمل على تصور خارطة طريق طموحة لتأطير عملنا في السنوات القادمة. إن المعهد الوطني للرياضة والخبرة والأداء (Institut nationale du sport, de l’expertise et de la performance INSEP) وشريكه القطري، أكاديمية “أسباير”، هما في الطليعة من أجل تنفيذ ذلك.

سيداتي سادتي اسمحوا لي في النهاية، أن أختم بالقول ان بلدينا يتمسكان معا بقيم الفرنكوفونية. إنكم، يا صاحب السمو، على غرار العديد من مواطنيكم، تتقنون اللغة الفرنسية بامتياز. إنني ألاحظ ذلك كل مرة، وأنا حريص على أن أشكركم على ذلك. يطيب لي دوماً ملاحظة ذلك. الفرنكوفونية ليست فقط كلمات بل هي أيضاً قيم نتقاسمها. وأتمنى أن تكون الرؤية التي تحملونها لبلدكم تعبيراً تاماً عن هذه القيم وأنا أشكركم على هذا الالتزام.

هذا ما كنت أرغب، سيداتي سادتي، صاحب السمو، أن أقوله بعد هذا الاجتماع وغداء العمل، مع شكري، مجدداً للشيخ تميم، أمير دولة قطر، على وجوده في باريس، في هذا اليوم.

أسئلة من صحافي من مرسيليا:

س: لدي سؤال لصاحب السمو أطرحه باللغة الفرنسية. إنكم توظفون جزءًا كبيراً من استثماراتكم هنا في فرنسا، وتمنحون أهمية كبيرة للجانب الاقتصادي بين فرنسا ودولة قطر، لكن مع سوء الحظ فإن الرأي العام تجاه دولة قطر يكون أحياناً سلبي. هناك جزء كبير من السكان الذي يواصل في الربط بين دولة قطر وتمويل الإرهاب ووضع المرأة، كيف بإمكانكم الاستمرار في الأعمال الاقتصادية في فرنسا مع هذه الصورة السلبية، وما الذي تنوون القيام به من أجل تحسين صورة دولة قطر اليوم في فرنسا.

هناك سؤال ثانٍ صغير، بإمكانكم توقعه، حول صواريخ S400 الروسية، هل هناك من جديد؟ هل الإشاعات التي يتم تداولها في الانترنت أثناء لقائكم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لها أساس من الصحة؟

وبالنسبة لكم فخامة الرئيس، هل ستتدخلون شخصياً أو هل ستجعلون فرنسا تتدخل في الشجار الحاصل حالياً في منطقة الخليج، هل سيتم استخدام قدرات فرنسا على التفاوض، وكل الدور الذي تلعبه فرنسا من أجل إرساء السلام في العالم من أجل محاولة العثور على حل لهذا الوضع المتأزم في هذه المنطقة من العالم؟ شكراً جزيلاً.

جواب سمو الأمير:

بالنسبة للسؤال الأول، هناك الكثير من الأشياء، كما تعلم، التي يتم تداولها هنا في فرنسا ضد دولة قطر. لكن الجميع يعلم أن الكثير من الأشياء التي تقال ضد دولة قطر غير صحيحة. لذلك فإنني أطلب منكم، وأطلب من الجميع، أن يأخذ وقتاً من أجل الاطلاع على ما تفعله دولة قطر من أجل السلام العالمي. وما الذي نفعله من أجل بلدان منطقتنا. لكن هناك الكثير من الأمور السلبية التي يتم نقلها ضد دولة قطر، لكن لحسن الحظ فإن يعلم الفرنسيون جيداً ما الذي تفعله دولة قطر في فرنسا ويدركون جيداً الصداقة الفرنسية-القطرية.

بالنسبة للسؤال الثاني، لن أدخل في التفاصيل، لكن أريد أن أقول أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق. صحيح أننا تحدثنا عن ذلك، ولكن إلى الآن ليس هناك شيء.

جواب الرئيس الفرنسي:

أريد أن أقول أنه لا يتحدث المرء لغة بلد آخر بشكل بريء. فعندما يكون هناك حاكم يقرر تعلم اللغة الفرنسية، ومن ثم يتقنها كما يتقنها أمير دولة قطر، فهذا يدل على وجود شيء ما مع هذا البلد.

إنني أستمع إلى الانتقادات، وينبغي دوماً الاستماع إلى الانتقادات وأظن أن صاحب السمو يتمتع ببصيرة واضحة تماماً بشأن هذا الموضوع. لكن ينبغي أيضاً الاستماع إلى الأصوات. عندما يكون هناك شخص يتكلم باللغة الفرنسية، ويشجعها، ويدخل أبناءه مدارس فرنسية…، فهذا يعني أن هناك أمرا صادقا يحصل مع البلاد.

الأمر الثاني، في المواضيع التي تثير جدالاً حساساً، لقد تم إنجاز عمل في الأشهر الأخيرة، لأننا تحدثنا بشكل مباشر جداً، وفي مجال مكافحة الإرهاب، وفي ما يتعلق بتوضيح الأمور بشأن التمويل، لقد تطرقنا إلى هذه الأمور. لم يعد هناك أمور مسكوت عنها بين فرنسا ودولة قطر. لقد تحدثنا عن كل الأمور، ووضعناها على طاولة النقاش. وتم إنجاز عمل، بخطوات ملموسة وحقيقية، لأننا قلنا الأشياء، وتبادلنا توصيفنا للأوضاع، ووقعنا على خارطة طريق، وهي الآن بصدد التنفيذ، ونقوم بتحسينها كل يوم. يبدو لي من المهم التركيز على هاتين النقطتين في السياق الصحيح الذي أعدتم التذكير به.

في ما يتعلق بأوضاع المنطقة، سنقوم باتخاذ مبادرة إذا طلب منا ذلك في وقت ما، وإذا كان الأمر نافعاً. لكنني أعتبر اليوم أن دور فرنسا، هو الاستمرار في الحوار الذي نقيمه مع كل الأطراف، وهو ما نقوم به منذ البداية، وعدم عزل أي طرف، وعدم تصدير أي توتر، وذلك لنتمكن في وقت ما من المساعدة إلى عودة الاستقرار. هذا هو دور فرنسا اليوم، وهذا ما نقوم به منذ أكثر من عام وسنواصل ذلك. سأفعل كل ما بوسعي من أجل تسهيل العودة إلى الحوار والعودة إلى الوضع الطبيعي.

سؤالان من صحافي الجزيرة:

س: عياش دراجي من الجزيرة. سؤال للرئيس إيمانويل ماكرون، هل بإمكانكم أن تحدثونا أكثر عن التعاون العسكري بين البلدين، هذا هو السؤال الأول. السؤال الثاني، قرأنا هنا في باريس أن السعودية طلبت من باريس التدخل أمام روسيا من أجل أن توقف موسكو عملية بيع صواريخ S400 لدولة قطر. ما موقفكم الرسمي أو غير الرسمي حيال هذا الأمر؟

جواب الرئيس الفرنسي:

لدينا علاقات استراتيجية تعتمد على رؤية وأهداف مشتركة، كما سبق أن قلت. لقد تجسدت هذه العلاقات على الصعيد العسكري عبر عمليات شراء لعتاد عسكري، وهي عناصر تدل على الثقة، ولاسيما شراء طائرات رافال، وهذا ما برر زيارة أمير دولة قطر إلى مون دو مارسان أمس. نرى جيداً أن هذا التعاون ليس فقط تعاوناً على الصعيد الصناعي، ولكنه تعاون أيضاً ما بين الحكومتيْن، وهو تعاون يعني جيوشنا ببرامج تأهيلية، مع إقامة علاقات استراتيجية حقيقية. إننا نواصل هذه العلاقات في مجالات أخرى، وسنستمر فيها في الاشهر والسنوات القادمة. لكن بالنسبة لي فإن صميم ذلك يتمثل في أن هذه العلاقات تندرج في رؤية مشتركة للرهانات الكبرى وتقاسم هذه الرهانات الكبرى. وهذا أيضاً ما يعني خارطة الطريق التي وضعناها.
في هذا السياق، فإن التصميمات البيانية الشديدة التعقيد لا تعمل أبداً. لقد استمعت إلى ما قلتم، وقرأت ذلك مثلكم. لكن هناك سبل أكثر مباشرة من أجل توصيل رسائل إلى موسكو، إذ أنني أظن أن السعودية تجري ايضا محادثات مع موسكو. إذاً فالجميع يعرف كيف يتحدث بشكل مباشر، وفرنسا لا تدخل في إطار مثل هذه العلاقات. إننا نتحدث إلى كل واحد من شركائنا عن مشاريعنا المشتركة، ولدينا الكثير منها، في ما يتجاوز طائرات رافال، الى مجالات أخرى تحرز تقدماً، وتظهر حيوية العلاقة الاستراتيجية. نحن لا نقحم أنفسنا في حوارات بين ثلاثة أطراف أو أربعة. لدينا ما يكفي من الأمور التي ينبغي القيام بها.